الحركة السنـوسية في ليبيـا:
محمد بن على السنوسي هو مؤسس الحركة ، ولد عام 1787 في ضواحی مستغانم بالجزائر وكان قد جاوز الأربعين عندما احتل الفرنسيون بلاده وكان هـذا الحـادث نقطـة البـداية في كفـاحه العظيـم مـن أجـل مقاومة النفوذ الأوروبي ، واضطر الى الخروج من الجزائر للعمل من أجل الحرية للعالم الاسلامي كله .
درس روح الاسلام الصحيح في جامع القرويين بفاس واطلع على معظم الطرق الصوفية ثم رحل الى الشرق لاتمام دراسته فاتصل بعلماء الأزهر ثم ولى وجهه شطر الجزيرة فاتصل بالوهابيين والتقى معهم في مفاهیم اصلاح العقيدة ثم تعرف على مختلف أحوال العالم الاسلامي في موسم الحج وهكذا استكمل بحثه عن وضعية الدولة العثمانية وأحوال المسلمين في مختلف أقطارهم.
أسس محمد السنوسي أول زاوية في جبـل ( أبي قبيـص بالجزيرة العربيـة ) ثم عند رجوعه بايعتـه قبائـل برقـة فأسس ( الزاوية البيضاء ) في واحة جغبوب في صحراء ليبيا بعد أن تعذر عليه دخول الجزائر.
واذا كانت السنوسية قد بدأت عملها في الشرق ثم في ليبيا فانها قد انطلقت فعلا من الجزائر ، وقد بلغت السنوسية سـواحل الصومال شرقا فبحيرة تشاد الى بلاد السنغال غربا تبشر بالاسلام وتقاوم الاحتلال الفرنسي والايطالي ابتداء من سنة 1840 الى تحرير ليبيا واستقلالها.
تعـاليم الحـركة :
تعتبـر الزاوية مركز الحركة السنوسيـة وتتألف من مجمـوعتي أبنية تمثل الأولى المسجد والمدرسة والمكتبة ثم المضـافة ، وتضم الثانية مساكن الطلاب الغرباء ومنزل الشيخ وأسرته ، وقد بلغ عدد الزوايا 330 زاوية لكل واحدة منها شيخ يعينه زعيم الحركة يشرف على نشـر التعليم والتبشير وفض الخصومات والسهر على الأمن وتنظيم القوافل والدفاع عن المنطقة.
ومن أهم مبادئها :
ـ العودة بالاسلام الى منابعه الاولى وتطهير العقيدة من البـدع والخرفات.
ـ توحيد المذاهب وجمع العالم الاسلامي في وحدة حقيقية.
ـ فتح باب الاجتهاد.
ـ مقاومة النفوذ الاجنبي.
واهتمت الحركة الى جانب ذلك بالزراعة والري وأنشأت لأول مرة في العالم الاسلامي في العصر الحديث مصانع الأسلحة والذخيرة ، وقد تحولت تلك الزوايا الى مراكز حربية لمقاومة الاحتلال الايطالي من 1911 الى تحرير البلاد.
الخلاصة:
ان الحركة السنوسية لم تلتجأ الى القوة في نشر مبادئها بل اعتمدت الاقناع والفكر والتربية وجمعت بين أساليب السلفيين في تصحيح العقائد وتحرير الأفكار ، وأساليب الصوفية في اصلاح النفس والرياضة الروحية . وقد سبقت حركة البعث والاصلاح في الشرق و عاصرت الوهابية أولى هذه الدعوات واستعانت بها الحركات التي تلتها ، و أهمها حركة الأفغاني و عبده ، و اختصارا فان الحركة السنوسية كانت عقيدة و عملا.